المكذبين بيوم القيامة- طلعت عليهم بهذا اليوم، وكشفت عما وقع عليهم من ملاقاته، من هلع وفزع..!
وإنه ليس هذا، وحسب، هو الذي يلقاه الكافرون من هذا اليوم، بل إن هناك عذابا أليما فى نار جهنم التي أعدت لهم.. وهذا ما جاءت الآية الكريمة لتقريره، فى أبلغ صورة، وذلك أن هذا العذاب الواقع بالكافرين لا يصرفه عنهم أحد، من صديق أو قريب، وأن ما يقع لغيرهم من إساءة أو مسرة، لا أثر له فى العذاب الواقع بهم.. فاذا أهلك الله النبي ومن معه أو رحمهم فى هذه الحياة الدنيا، فليس في هذا ما يخلّص الذين كفروا، من عذاب الآخرة، أو يدفعه عنهم.. إنه واقع بهم، فلا محيد لهم عنه، ولا منقذ له منه..
إنهم كانوا يتمنون هلاك النبي، ويتوقعون أن يصبحوا يوما فلا يرون له مكانا فيهم، وهذا ما ذكره الله تعالى عنهم فى قوله سبحانه: «أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ» (30 الطور) وفى هذا- على ما قدّروا- راحة لهم من عناء، وعافية من بلاء.
وإنهم لواهمون فى تقديرهم هذا، مخدوعون فيما يتمنون، إذ ماذا يعود عليهم من موت النبي؟ إنه صلوات الله وسلامه عليه- لا يملك لنفسه، ولا لمن معه نفعا ولا ضرّا، بل الأمر كله بيد الله، وأن النبي- صلى الله عليه وسلم- ليس هو الذي يتولّى حساب هؤلاء الكافرين، ويأخذهم بالعذاب الذي أعدّ لهم، حتى إنه لو مات لرفع عنهم العذاب- وكلا.. إنه ليس هو الذي يتولى هذا، بل الذي يتولاه، هو الله سبحانه، وليس للكافرين من مجير من هذا العذاب.
قوله تعالى:
«قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ.. آمَنَّا بِهِ.. وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا.. فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ»