هذا وعد من الله سبحانه وتعالى لمن آمن بالله وعمل صالحا، وانتفع بهذا النور الذي أنزله الله- بأن يدخله الله جنات تجرى من تحتها الأنهار، خالدا فيها، لا يتحول عنها أبدا، حيث يرزق رزقا حسنا من فضل الله وإحسانه، فى هذه الجنات التي ينعم فيها بما شاء من نعيم لا يحيط به وصف..
وفى إسناد الإيمان والعمل الصالح ودخول الجنة، والرزق الحسن فيها- فى إسناد هذه الأفعال إلى ضمير المفرد: «يؤمن بالله.. ويعمل صالحا.. يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار.. قد أحسن الله له رزقا» - فى هذا إشارة إلى أن هذه الأفعال، إنما هى من شأن الإنسان نفسه، وجزاؤها واقع عليه وحده..
فالإيمان، والعمل الصالح، مطلوبان من الإنسان، كإنسان له وجود ذاتى، يناط به التكليف، وتقع عليه آثار أعماله من حسن أو سيء..
ودخول الجنة، والرزق الحسن فيها، هو الجزاء الذي يتلقاه المؤمن جزاء إيمانه وعمله الصالح.
أما إسناد الخلود فى الجنة إلى جماعة المؤمنين الذين أدخلهم الله الجنة مع هذا المؤمن، فذلك لأنهم جميعا شركاء فى هذا الخلود.. فكلهم خالد فى هذه الجنات، وإن اختلفت منازلهم فيها بحسب أعمالهم.. فهم فى المنازل على أحوال مختلفة، كلّ فى منزلته، وإن كانوا فى الخلود على سواء..
ثم إن الخلود فى الجنة يوحى بثقل هذا الزمن الذي لا ينتهى، وخاصة إذا كان المرء وحده، فى عزلة داخل زمن لا حدود له.. فإذا كان هذا الخلود مع مشاركة لأعداد من الناس لا حصر لها، كان ذلك الخلود سائغا، بل ومطلوبا، حيث يأنس الناس بالناس- وفى هذا يقول المعرى: