من ظاهر المنافقين، فيما يبدو من تسوية هندامهم، وحسن زيّهم..
وقوله تعالى: «وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ» - بيان لما يتجمّل به حديثهم، من طلاوة الأسلوب، وتأنق العبارة، ورقة اللفظ.. وهذا ضرب من الخداع والتزييف، حيث يدسّ السمّ فى العسل، وحيث تروج العملة الزائفة بلمعانها وبريقها..
وقوله تعالى: «كأنهم خشب مسندة» - إشارة إلى أن هذا الذي يبدو من المنافقين من حسن المظهر، ورقة الكلام، ونعومة اللفظ- لا يعدو هذا الظاهر من القوم.. إنهم أشبه بالخشب المسندة، لا حياة فيها، ولا وزن لها، وإن زينت بالحلى، وكسيت بالحرير.. ثم إن المنافقين، وإن بدوا فى ظاهرهم على صورة واحدة، فإنهم فى حقيقتهم، أشتات متفرقون، لا تجمعهم مشاعر الودّ، ولا تؤلف بينهم صلات هذا المعتقد الفاسد الذي يدينون به.. تماما كالخشب المسندة، كل كتلة منها قائمة إلى جوار غيرها، لا تشعر بها، ولا تحس بوجودها.
وقوله تعالى: «يحسبون كل صيحة عليهم» - هو وصف كاشف لما يموج به باطن المنافقين من وساوس، وتصورات، لا تقيمهم أبدا إلا على فزع، وتخوف، لأنهم دائما متلبسون بجرائم من الكذب والبهتان، فهم لهذا مطاردون من أنفسهم، يريدون الإفلات من قبضة هذه المشاعر المستولية عليهم، ولهذا أيضا تراهم على حذر، وتوقّع لتلك الأيدى الكثيرة الممتدة إليهم، تحاول أن تدهمهم فى أية لحظة.. «يحسبون كل صيحة عليهم» .. سواء اتجهت إليهم أو لم تتجه، وسواء أكانوا هم المقصودين بها أم غيرهم.. وهكذا المجرم، لا يفارقه أبدا وجه جريمته، فى يقظة أو منام..