وفى قوله تعالى: «لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ» .. إشارة بظهر الغيب إلى هؤلاء الآخرين الذين سيلحقون بالعرب فى الدخول فى الإسلام، والذين لم يكونوا قد دخلوا بعد، عند نزول هذه الآية..
وقد روى أن بعض صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سألوه عن هؤلاء الآخرين، وكان فيهم سلمان الفارسىّ، فوضع صلوات الله وسلامه عليه، يده على سلمان، ثم قال: «لو كان الإيمان عند الثريّا لتناوله رجال من هؤلاء» ..
والإشارة هنا هى للفرس، قوم سلمان الفارسي، والمراد بكون الإيمان عند الثريّا وتناول الفرس له، أن الإسلام سيدخل فيه من كان بعيدا عن موطن الدعوة بعد الثريّا، وهذا يعنى امتداد رقعة الإسلام، وامتداد سلطانه فى أطراف الدنيا..
وهذا من أنباء الغيب، التي أوحاها الله إلى النبي، فقد دخلت فى الإسلام طوائف وجماعات من جميع الأمم.
وقوله تعالى: «وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» .. إشارة إلى سلطان الله الغالب، وأنه سينصر هذا الدين، ويعزّه، باجتماع الناس إليه من جميع الأمم والأجناس، وأن ذلك إنما يكون عن حكمة الحكيم العليم، فيدخل فى هذا الدين من شاء له الهدى والنجاة..
قوله تعالى:
«ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» .
«ذلك» إشارة إلى بعث الرسول الكريم إلى الأميين من العرب، وهذا من فضل الله، الذي يؤتيه من يشاء من عباده، والله ذو الفضل العظيم، الذي يسع فضله الناس جميعا، وأنه إذا أصاب فضله قوما، فليس بالمحجوز عن غيرهم..