قوله تعالى:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ» .
هو إنكار من الله سبحانه وتعالى على المؤمنين أن يلبسوا ثوب الإيمان ظاهرا، ثم يكون هذا الظاهر على خلاف مع الباطن.. أو أن تقول ألسنتهم ما ليس فى قلوبهم.. فهذا وجه من وجوه النفاق.. لا يليق بالمؤمن أن يلمّ به، أو يدخل على إيمانه شىء منه..
فالأقوال التي لا يصدّقها العمل، لا تخلو من أحد وصفين: إما أن تكون لغوا من القول.. وهذا مما ينبغى للمؤمن أن ينزه نفسه عنه.. فإن الكلمة على لسان المؤمن يجب أن تكون عقدا بين المؤمن ونفسه، لا تبرأ ذمته حتى يفى بهذا العقد، ويحققه.. فإنه عن الكلمة تلقّى المؤمن رسالة السماء، وعرف شريعة الله.. فليكن الكلمة عنده- سواء نطق بها هو، أو استمع إليها- حساب وتقدير.. وإما أن تكون الكلمة التي ينطق بها اللسان، ولا يصدقها العمل، كلمة كاذبة أو منافقة.. ولا يجتمع الإيمان مع النفاق.
ومن أجل هذا جاء قوله تعالى: «كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ» تعقيبا على هذا الإنكار، وتجريحا لهذا القول الذي لا يصدّقه العمل، وأنه قول ممقوت عند الله، يبغضه، ويبغض أهله..
قوله تعالى:
«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ» .
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أنها تبين الصورة الكريمة التي ينبغى