بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ» ..
هو بيان لقوله تعالى: «لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ» .. أي أن هؤلاء اليهود لما ركبهم من جهل، قد نزلوا إلى مرتبة الحيوان الذي لا يخاف إلا اليد التي تمسك بالسوط يلهب ظهره.. فهم لهذا أجين الناس، وأحرصهم على الحياة. لا يواجهون الأخطار، ولا يقدمون على لقاء عدوهم إلا مخالسة، وقد تحصنوا فى أجحارهم، واختفوا وراء الجدران، شأنهم فى هذا شأن الحيات التي تتحصن فى أجحارها، ترصد أعداءها من داخلها، فإذا رأت فرصة سانحة فى عدو لها أطلت برأسها، ثم نفثت فيه سمومها، وعادت سريعا تدفن نفسها فى جحرها..
والصورة تمثل حال اليهود فى كل زمان..
إنهم لا يقاتلون أبدا فى ميدان حرب، إلا إذا كانوا متحصنين فى حصون يضمنون معها ألا ينال العدوّ منهم شيئا.. ولهذا قامت قراهم قديما وحديثا على نظام الحصون، بحيث إذا دهمهم عدوّ دخلوا هذه الحصون، واحتموا بها، وعاشوا فيها زمنا، بما جلبوا إليها من سلاح ومتاع.. حتى ييئس العدوّ منهم، إذا طال الحصار، أو يجدوا سبيلا إلى إيقاع الفتنة فى صفوفه.. فإن لم يكن هذا أو ذاك، كانت أمامهم فرصة لشراأ أنفسهم من عدوهم، بالمال أو بأى ثمن بطلبه منهم..
هكذا اليهود قديما وحديثا.. ونحن نشهد اليوم فى حربهم معنا، أنهم لم يخرجوا للقتال إلا وقد اتخذوا من عدد الحرب حصونا تحميهم من القتل، وتدخل فى قلوبهم الطمأنينة إلى أنهم فى مأمن من أن ينال العدوّ منهم! ..
إنهم لا يحاربون، ولكن الأسلحة التي مكناهم الأمريكان منها، هى التي تحارب..