نفسيّا وروحيّا للاتصال بالله سبحانه، والقرب منه جل وعلا.. إنها أشبه بالاستئذان قبل الدخول.. فكما أنه لا يجوز للمؤمن أن يدخل بيتا غير بيته من قبل أن يستأذن، رعاية لحرمة المسكن وأهله- فكذلك ينبغى على المؤمن ألا يقتحم مقام الرسول، ويغشى حماه الطهور، من غير أن يقف بين يدى هذا الحمى، وأن يقدّم صدقة، يدخل منها على مشاعره أنه لن يؤذن له بالدخول إلى هذا الحمى، من غير استئذان! وقوله تعالى: «ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ» أي هذا الفعل الذي تفعلونه بتقديم الصدقة قبل مناجاتكم الرسول- هو خير لكم، وأطهر، حيث يرضى الله سبحانه وتعالى عنكم، ويطهركم من ذنوبكم، فيكون لقاؤكم للرسول على صفاء نفس، وشفافية روح، فتصيبون كثيرا من الخير الذي بين يديه..

قوله تعالى: «فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» فإن لم تجدوا صدقة تقدمونها، فلا حرج عليكم، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والله سبحانه يغفر لكم ذنوبكم، ويطهركم، حتى إذا ناجيتم الرسول كنتم على حال من الطهر كحال الذين قدموا صدقات بين يدى نجواهم، فالله سبحانه غفور، أي كثير المغفرة، تسع مغفرته الخلق جميعا، وهو رحيم بكم، فلا يحرمكم مغفرته التي قصرت أيديكم عن أن تنالوها بالصدقة..

وقوله تعالى:

«أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ، فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015