وهذا من أنباء الغيب التي حمل القرآن الكريم قدرا كبيرا منها.. فهذه الآية مكية، فى سورة مكية، وما كان المؤمنون يومئذ يتوقعون فى أي حال أن يهزم هذا الجمع الذي توعده الله سبحانه وتعالى بالهزيمة وتولية الأدبار.. حتى إن عمر ابن الخطاب- رضى الله عنه- كان فيما يروى عنه- يقول حين نزلت هذه الآية:
ما كنت أدرى: «من هذا الجمع الذي سيهزم» ، حتى كان يوم بدر فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب فى الدرع وهو يتلو قوله تعالى: «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ» فعلمت تأويلها..
قوله تعالى:
«بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ» ..
إضراب على الهزيمة التي ستحل بهؤلاء المشركين، واعتبارها كأن لم تكن، لأنها لا تعدّ شيئا إلى ما ينتظر المشركين من عذاب الله يوم القيامة..
إن هزيمتهم فى الحرب، وإن كانت خزيا يلبسهم، وعارا يتجللهم، وحسرة تملأ قلوبهم- فإنها إلى ما يلقاهم من عذاب الله فى الآخرة، تعدّ عافية، وتحسب رحمة..!!
قوله تعالى:
«إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ» .
هو تعقيب على قوله تعالى: «بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ» .. أي إن ما يلقى هؤلاء المشركين من عذاب يوم القيامة، هو مما أعد للمجرمين، وهؤلاء المشركون هم رأس من رءوس المجرمين، يردون