فقوله تعالى: «وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ» هو أسلوب خبرى، وإن جاء فى صورة الشرط.. فهو إخبار عن مستقبل كثير من هؤلاء المشركين مع الدعوة الإسلامية، وأنهم سيظلّون على ما هم عليه من كفر وعناد، وأنه كلما تلا عليهم الرسول بعض آيات الله، لم يجدوا إلا قولا واحدا فيها، قد استقر عليه رأيهم، وهو أن هذا الكلام من واردات السحر، لما فيه من قوّى خفية، تكاد تملك وجودهم، وتستولى على مشاعرهم..
فقالوا: «إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ» .. وقالوا: «سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ» أي متصل، يشبه بعضه بعضا، ويلتقى لا حقه مع سابقه.. أو هو سحر مستمر، من المرّة وهى القوة، أي قوى محكم.. كما قال فرعون عن موسى وعصاه: «إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ» (109: الأعراف) ..
فالآية إخبار عن المستقبل، وأن كثيرا من هؤلاء المشركين، لن يؤمنون بالله، بل يموتون على كفرهم، وأنهم كلما استمعوا إلى ما يتلو النبي من آيات الله، قالوا سحر مستمر.
هذا هو موقف المعاندين الضالين من المشركين، فى الوقت الذي تطرقهم فيه الأنباء بأن يوم القيامة قد قرب، بل إن إرهاصاته قد أخذت تظهر فى الوجود..
والآية التي يرونها، هى آيات الله التي تتلى عليهم، وعبر عن سماعها بالرؤية، إشارة إلى أنها من الوضوح، والبيان، بحيث تبدو كأنها حاضر شاخص يرى، لا حديث يسمع.
ويجوز أن تكون الآية هنا آية محسوسة، مما يقترحه المشركون على النبي، وقد أبى الله سبحانه وتعالى أن يجيبهم إلى ما سألوا، لأنهم لن يؤمنوا بأية آية