قوله تعالى:
«أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ» ..
هذا الحديث- إشارة إلى قوله تعالى مخبرا عن الساعة: «أَزِفَتِ الْآزِفَةُ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ» .. فالمشركون إذا سمعوا هذا الحديث عن قرب يوم الحساب والجزاء، عجبوا لهذا، واستنكروه، وجعلوه حديث سخرية واستهزاء بينهم..
وفى قوله تعالى: «أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ» إنكار على هؤلاء المكذبين بالبعث والحساب، أن يتلقوا الحديث عن هذا اليوم، والنذر التي تنذرهم به، وتحذرهم لقاءه- أن يتلقوا هذا غير مكترثين به، ولا ملتفتين إليه، ولو عرفوا ما يلقى الناس فى هذا اليوم من أهوال، وما أعدّ للظالمين والضالين من عذاب- لو عرفوا هذا، لكثر البكاء، وقل الضحك، بل لما كان إلا البكاء المتصل، والوجوم الدائم.. خوفا من لقاء هذا اليوم العظيم! ..
وقوله تعالى: «وَأَنْتُمْ سامِدُونَ» أي وأنتم غافلون فى صلف وكبر..
والسامد. هو البعير الذي يرفع رأسه، كأنه يبحث عن شىء فى السماء، ولا شىء! ..
وقوله تعالى: «فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا» - هو تعقيب على الاستفهام الإنكارى فى قوله تعالى: «أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ..» أي إنكم أيها المكذبون بهذا الحديث، المستهزءون الساخرون منه، توردون أنفسكم موارد الهلاك، وإنكم إذا أردتم النجاة والخلاص، «فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا» أي فاخضعوا لجلال الله، واعبدوه، فهذا ما ينبغى أن يكون موقف المخلوق من خالقه، ولاء، وطاعة، وحمد، وتسبيح، وعبادة..