ويبقى بعد هذا سؤال:

كيف يكون قوله تعالى: «أقنى» بمعنى صان وحفظ، ثم يكون الحفظ والصون فى مقابل الغنى، أي ضده، مع أن الحفظ والصون يوازن الغنى قدرا، ويرجحه؟

والجواب على هذا- والله أعلم- أن قوله تعالى: «أقنى» بمعنى صان وحفظ، يدلّ بظاهره على الفقر، الذي هو ضد الغنى، وذلك أن الله سبحانه وتعالى حين أغنى كثيرا من أهل الضلال والكفر، قد أخلاهم لأنفسهم، فأطغاهم هذا المال، وزادهم ضلالا وكفرا، على حين «أقنى» سبحانه أولياءه والصالحين من عباده، وصانهم من فننة المال وطغيانه، فلم يسلّط عليهم الدنيا، ولم يبلهم بحبها.. ثم هم مع ذلك أغنياء بقلوبهم المأنوسة بنور الإيمان بالله، والطمع فى رحمته..

وقوله تعالى: «وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى» ..

أي ومما فى صحف موسى وإبراهيم، الإخبار عنه جل وعلا، بأنه رب الشعرى وهى نجم فى السماء، يسمى الشعرى العبور، يطلع من جهة الجنوب..

وكانت بعض قبائل العرب تعبد هذا النجم باسم الشعرى..

وقوله تعالى: «وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى وَثَمُودَ فَما أَبْقى» .. ومما فى أخبار هذه الصحف أيضا، أن الله سبحانه أهلك عادا الأولى، ثم أهلك بعدها ثمود..

فلم يبق منهم باقية..

ووصفت عاد بالأولى، لأنها متقدمة زمنا على الأمم التي حفظ التاريخ لها ذكرا.. فهى أول أمة بعد قوم نوح..

وقوله تعالى: «وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى» ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015