قوله تعالى:
«أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ» .
هو استفهام يراد به تسفيه عقول هؤلاء الذين يقولون هذا القول الأحمق، الذي لا يقبله عقل، ولا ينطق به عاقل، وهو التربص والانتظار للموت الذي يتمنونه للنبى.
وفى التعبير عن معطيات عقولهم، بالأمر، وبأنها تملى عليهم هذا القول وتأمرهم به- إشارة إلى أنهم كيان منفصل عن تلك العقول، التي تفيض بالوساوس والأوهام، وأن كل ما يطرقهم من أوهام هذه العقول ووساوسها، لا يجد منهم إلا ألسنة تردد هذه الأوهام وتلك الوساوس، دون أن يكون لهم سلطان عليها، أو تحكّم فيها، وذلك على غير ما يفعل العقلاء الذين يتدبرون أمرهم بينهم، وبين خطرات نفوسهم، ووساوس عقولهم.
وقوله تعالى: «أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ» هو إضراب عليهم، وعلى عقولهم جميعا، وأنهم كيان من الطغيان، يندفع كما تندفع الحمر المستنفرة، فرّت من قسورة، لا إرادة معها، ولا اختيار لها فى الوجهة التي تأخذها فى فرارها.
قوله تعالى:
«أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ.. بَلْ لا يُؤْمِنُونَ» .
استفهام آخر، يكشف عن جريمة أخرى من جرائمهم، ويواجههم بضلالة من ضلالاتهم، وهى قولهم فى النبي: إنه افترى هذا القول الذي يحدّثهم به، ويقول لهم عنه إنه كلام الله!!.
وقوله تعالى: «بَلْ لا يُؤْمِنُونَ» - حكم عليهم بأنهم لن ينتفعوا بهذا القرآن، ولا يهتدون به، ولا يكونون فى المؤمنين أبدا.. وهذا حكم واقع