وقوله تعالى: «إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ» هو بعض المقولات التي تتردّد فى هذا الحديث المدار بين أهل الجنة، وفيه يذكرون ما كان منهم فى الدنيا، من خشية وخوف للقاء هذا اليوم العظيم، الذي يؤمنون به، ويعرفون ما فيه من أهوال تشيب لها الولدان، كما يقول سبحانه وتعالى فى وصف الحال التي كان عليها المؤمنون فى الدنيا: «وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ» (26- 28:
المعارج) .
وقوله تعالى: «فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ» - هو تعقيب على قولهم: «إنا كنّا قبل فى أهلنا مشفقين» أي إنا كنا فى دنيانا مشفقين من عذاب ربنا فى هذا اليوم، ولكنّ الله سبحانه وتعالى منّ علينا بالنجاة من هذا العذاب ووقانا شرّ ذلك اليوم، كما يقول سبحانه وتعالى: «فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً» (11: الإنسان) قوله تعالى:
«إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ.. إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ» هو تعقيب بعد تعقيب على قولهم: «إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ» أي وكنا ندعو الله، ونطلب النجاة من شر هذا اليوم، ومن العذاب الواقع بأهل الشقاء فيه، وقد استجاب الله لنا بفضله، وإحسانه.. «إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ» أي البارّ بعباده المؤمنين المحسنين «الرَّحِيمُ» الواسع الرحمة، لمن يطلبون رحمته، ويبتغون فضله.. فما أعظم برّه، وما أوسع رحمته..