تجىء محمّلة بالخير، بل والحياة للأحياء كلها، إذ منها يتنفّس كل حى أنفاس الحياة.. ولكن هذه النعمة قد صارت نقمة على القوم الضالين..

وقوله تعالى: «ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ» - هو بيان لما تترك هذه الريح العقيم من آثار ومخلّفات وراءها.. إنها لا تترك شيئا تمرّ عليه إلّا دمّرته، وحطمته، وأتت على كل صالحة فيه، فيتحول إلى كيان بال متفتت.

والرميم: العظام البالية، والرّمة: الحبل البالي، والرّمّ: إصلاح الشيء البالي..

قوله تعالى:

«وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ» ..

هو معطوف كذلك على قوله تعالى: «وَفِي عادٍ» - عطف حدث على حدث، وقصّة على قصة..

أي وفى ثمود آية.. بما أخذهم الله به من نكال وعذاب..

فلقد كان القوم فى نعمة ظاهرة، وقوة متمكنة، إذ بوّأهم الله الأرض، وملّكهم القدرة على إثارتها وعمرانها، فاتخذوا القصور فى سهولها، ونحتوا البيوت فى جبالها، كما يقول سبحانه على لسان نبيهم «صالح» إذ يقول لهم: «وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً» (74: الأعراف) ..

وفى قوله تعالى: «إذ قيل لهم تمتعوا» - إشارة إلى هذه النّعم التي كان القوم فيها، وأنها تتيح لهم التمتع بحياة طيبة فيها، لو أنهم رعوها حق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015