الإحسان من ربهم- فى هذا ما فيه من تكريم لا يناله إلّا المقربون، الذين رضى الله عنهم، جعلنا الله سبحانه وتعالى منهم، إنه ذو الفضل العظيم..
وقوله تعالى: «إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ» هو بيان للأسباب والوسائل، التي توسل بها هؤلاء المكرمون من عباد الله، إلى هذا النعيم العظيم الذي هم فيه، وذلك أنهم كانوا قبل ذلك اليوم، أي يوم القيامة، وهو الدنيا- كانوا محسنين، فلقيهم الله بإحسان مضاعف، كما يقول سبحانه: «هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ» (60: الرحمن) .
قوله تعالى:
«كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ» ..
هو بيان مفسّر لإحسان هؤلاء المحسنين.. فقد كان من إحسانهم أنهم يذكرون ربهم، لا يكادون يغفلون عن ذكره، ولا يعطون أنفسهم حظها من النوم.. فإذا نام الغافلون، قطعوا هم ليلهم ترتيلا، وتسبيحا، وصلاة، وذكرا.. والهجوع، هو النوم القليل، وهو ما يسمى بالغرار، كما يقول:
ما أذوق الليل إلا غرارا ... مثل حسو الطير ماء السّمال (?)
«وما» فى قوله تعالى: «ما يَهْجَعُونَ» .. إما مصدرية، أي كانوا على حال قليل فيها من الليل هجوعهم. وإما موصولة، والمعنى: كانوا على حال قلّ فيها الزمن الذي يهجعون فيه من الليل.