كان قبلهم من أهل الضلال، وقد أهلكهم الله، وأنزلهم منازل الهون والعذاب..
وقوله تعالى: «فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ» .. التنقيب فى البلاد: السعى بالإفساد فيها، واستعمال قوتهم فى الاستبداد بالعباد، كما يقول سبحانه فى فرعون وملائه:
«وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ» (10- 13 الفجر) وقوله تعالى: «هَلْ مِنْ مَحِيصٍ؟» أي هل انتفع هؤلاء المغترون بقوتهم المعتزون بسلطانهم، فى ردّ بأس الله عنهم، وفى رفع البلاء الذي أخذهم به؟
كلا. فما أغنى عنهم ذلك من الله من شىء..
والمحيص: المفرّ من مواجهة البلاء، والتماس السلامة من الهلاك.. وفى هذا يقول الشاعر:
وهل نحن إن حصنا عن الموت حيصة ... هل العمر باق والمدى متطاول؟
قوله تعالى:
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ» أي فى هذه المعارض التي تعرضها الآيات، فى مقام الوعد أو الوعيد- فى هذه المعارض موعظة، واعتبار، وذكرى.. ولكن ليس هذا لكل إنسان، بل «لمن كان له قلب» - أي كان ذا قلب سليم، معافى من الآفات التي تقتل كل بذرة خير تبذر فيه، فلا تنبت زهرا، ولا تطلع ثمرا.. كما أن المعارض فيها عبرة، وذكرى، وموعظة، لمن كان قلبه فى غفوة وغفلة عن مواقع العبر والعظات، ولكن كان له أذن واعية، تستمع لما يلقى إليها من آيات الله