وحمية الجاهلية، حمية استعلاء، وتطاول بغير حق، لا يضبطها عقل، ولا تسوسها حكمة..
أي أنه على حين امتلأت قلوب المشركين الذين كفروا من حمية الجاهلية، وغذّوها بهذه المشاعر الكاذبة الفاسدة، بما كان لهم من قوة ظاهرة على المسلمين- فإن الله سبحانه وتعالى حين منح المسلمين القوة، ومكن لهم من هؤلاء الكافرين، حرس هذه القوة من أن تكون أداة بغى وعدوان، فأنزل السكينة على رسوله وعلى المؤمنين، ونزع ما فى قلوبهم من حفيظة على المشركين وألزمهم كلمة التقوى، وهى الكلمة التي عفا الرسول صلوات الله وسلامه عليه بها عن المشركين، حين قال لهم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» - فهذه الكلمة التي لا يقولها فى هذا المقام إلا رسول الله، وهو أحق بها وأهلها من دون الناس جميعا، والمؤمنون هم على هذا المورد الطيب الذي ورده الرسول، فهم بهديه مهتدون، وعلى سنته قائمون..
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (27) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (28) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29)