- كانوا يبايعون النبىّ، على الإيمان يا لله ورسوله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والجهاد فى سبيله، كما بايع الأنصار النبي- صلى الله عليه وسلم- بيعتى العقبة الأولى، والثانية، على هذا الإيمان، وعلى أن يمنعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم..
والذي رجّح عندنا هذا الرأى، أمور منها:
أولا: أن بيعة الرضوان كانت لأمر عارض، وهو قتال المشركين، إذا ثبت أنهم اعتدوا على «عثمان» مبعوث رسول الله إليهم.. فلما ظهر أن المشركين لم ينالوا عثمان بأذى، بل إنهم عرضوا عليه أن يطوف بالبيت إن أراد، ولكنه أبى أن يطوف إلا أن يطوف رسول الله صلى الله عليه وسلم- لما ظهر هذا، انحلّ عقد هذه البيعة، وبقي المبايعون على عقدهم الأول الذي دخلوا به فى الإسلام.. فلم يقع فى هذه البيعة نكث، لأن المسلمين لم يدخلوا فى حرب مع المشركين تحت حكم هذه البيعة، ومن ثمّ لم يكن متّجه لهذا التهديد الذي جاء فى قوله تعالى: «فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ» وإنما متجهه هو إلى عموم النكث، وفى جميع المواقف والأحوال..
وثانيا: أن بيعة الرضوان، قد ذكرت ذكرا خاصا فى قوله تعالى:
«لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً» وفى الآية الكريمة أن الله سبحانه قد رضى عن جميع المؤمنين الذين بايعوا رسول الله تحت الشجرة، وأن الله سبحانه، قد علم ما فى قلوبهم من إذعان لدعوة رسول الله، وولاء وتسليم له، مع ما كانوا يجدون فى صدورهم من حرج، فى التوفيق بين ما جاءوا له، وهو دخول المسجد الحرام، وبين هذا الصلح الذي