فهو- وإن كان من فضل الله ورحمته- فإن للنبى سببا متصلا به، بما كان منه من جهاد وبلاء، فى القيام بأمر ربه، والوفاء بأداء الأمانة التي حملها..

وقدم المسبّب على السبب، أي قدّم الفتح، والنصر، ومغفرة الذنب، على اصطفاء الرسول للرسالة، وعلى الجهاد الذي جاهده من أجل الوفاء بها- وذلك للإشارة إلى أن هذه الأسباب هى مجرد أمور ظاهرية، وأن ما يقضى به الله سبحانه وتعالى فى خلقه لا يتوقف على سبب، وأن ما قضى به سبحانه للنبىّ الكريم، من فتح ونصر ومغفرة لما تأخر من ذنبه وما تأخر، هو فضل خالص من فضل الله، وإحسان مطلق من إحسانه إلى رسوله الكريم، وأن الرسالة نعمة أخرى، وأن حمل أعبائها، هو شكر لتلك النعمة العظيمة، التي أقامت النبي مقام الإمام للناس جميعا..

قوله تعالى:

«لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا» ..

عزّروه: أي نصروه، وعزّزوه، وأيدوه..

واللام فى قوله تعالى: «لِتُؤْمِنُوا» لام التعليل..

وقد قرىء بضمير الغيبة: ليؤمنوا، ويعزّروه، ويوقروه، ويسبحوه..

واختلف فى مرجع ضمير النصب فى الأفعال.. والرأى على أنها جميعا عائدة إلى الله سبحانه وتعالى.. فالتعزير، والتوقير، والتسبيح، كلها عائدة إلى الله سبحانه على هذا الرأى..

على أننا نخالف هذا الرأى، ونرى- والله أعلم- أن الضمائر، بعضها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015