هذه السنين. والتي احتمل فى سبيلها ما احتمل من عنت قريش، وإخراجها له من بيته فى البلد الحرام، وما أصيب على يديها فى أحبابه وأصحابه الذين استشهدوا فى الحرب معها..
إنه وقد انكسرت شوكة قريش فى صلح الحديبية، فقد بات الأمر وشيكا بانتهاء هذا الصراع المحتدم، بين الدعوة الإسلامية، وبين المتربصين بها، وأنه بين يوم وليلة ستنحسر هذه السحابة السوداء من سماء الإسلام، ويدخل الناس فى دين الله أفواجا..
إذن، فقد أدّى النبي رسالته، وحقق ما ندبته السماء له، ودعته إليه..
وإذن فليتقبل النبىّ عطاء الله له، وليسعد بما سيلقى من جزاء كريم، على هذا الجهاد العظيم، الذي ظلّ قائما عليه نحو عشرين عاما، موصولا لبلها بنهارها..
فهذا الفتح، وإن كان من الله، فقد أضاف الله سبحانه وتعالى جزاء هذا الفتح إلى الرسول الكريم.. «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً» .
فالفتح، فتح الله، وهو فتح للنبىّ، ومغفرة لما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهداية له إلى صراط الله، ثم نصر عزيز، تختم به الانتصارات التي بدأت بصلح الحديبية..!
وقد وصف صلح الحديبية بأنه فتح مبين، على حين وصف فتح مكة الذي سيلى هذا الفتح، بأنه نصر عزيز.. وذلك لأن صلح الحديبية، لم يكن الفتح فيه من قوة غالبة قاهرة، إذ كان لا يزال فى قريش شىء من القوة،