وثانيا: أنه وعد المؤمنين المجاهدين فى سبيل الله، درجات عالية عند الله، سبحانه، حيث ينزلون منازل الأنبياء والصديقين، كما يقول سبحانه:
«وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً» (69: النساء) .
وإنما تتجلى طاعة الله ورسوله على أتم وجه وأكمله فى ميدان الجهاد فى سبيل الله.. يقول سبحانه: «وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً» (74: النساء) .. فالأجر العظيم الذي يناله المجاهد من ربه مشروط بأحد شرطين: أن يقتل فى ميدان القتال، أو ينتصر على عدوه.. فلا يعود المجاهد إلى أهله إلا منتصرا على العدو.. فإن لم يشهد نهاية المعركة، ومات قبل أن يحقق المسلمون النصر، فإنه يكون قد شارك بدمه المراق على أرض المعركة، فى كتابة كلمة النصر، التي يؤذن بها مؤذن الحق فى نهاية المعركة..
وثالثا: أنه توعد الذين ينتظمون فى صفوف المجاهدين، ثم إذا التحم القتال، وتساقطت الرءوس، وتناثرت الأشلاء، وسالت الدماء- ركبهم الفزع، واستبد بهم الجزع، والتمسوا وجوه النجاة فى الفرار من الميدان، أو النكوص على الأعقاب، أو الدعوة إلى السلم، والاستسلام- توعد الإسلام من كان فى المجاهدين، المقاتلين، ثم أخذ هذا الموقف المتخاذل- توعده بغضب من الله، وبعذاب أليم فى نار جهنم، كما يقول سبحانه:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» (15، 16: الأنفال) ..