وفى مؤخرتهم.. ومع هذا فلا يحرم أن يدخل تحت هذه الكلمة، التي تخلع على صاحبها خلعا سنية، من الرضا والرضوان.. وفى هذا دليل على شرف الجهاد، وعلى علوّ منزلة المجاهدين، وأن أقلهم فى الجهاد منزلة، وأبخسهم فى المجاهدين حظا- هو من المجاهدين، الذين لا يحرمون شرف الجند، وثواب المجاهدين..
أما الجهاد الذي يكون معه الصبر، فهو الجهاد الكامل، الذي تم عقده وتوثيقه، بين الله سبحانه، وبين المجاهدين، وفى هذا العقد يقول الله تعالى:
«إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ.. وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» (111: التوبة) .
وفى قوله تعالى: «وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ» - إشارة إلى أن الأفعال هى التي عليها المعوّل فى الكشف عن إيمان المؤمنين وصبر الصابرين.. فابتلاء الله سبحانه لأخبار المؤمنين، إنما هو ابتلاء لهم، وتعرف على أحوالهم، من أخبارهم، التي هى حكاية لأعمالهم، وتصوير لها.. وهذا يشير أيضا إلى أن للأعمال آثارها فى الحياة، وفى الناس، وأنها تقع تحت حكم الناس عليها والإخبار عنها بما يرضيهم أو يسخطهم منها.. وهذا يشير مرة أخرى إلى أن المجتمع الإنسانى له وزنه وله قدره، فى الحكم على أعمال الناس، وأن حكمهم على عمل بأنه حسن غير حكمهم عليه بأنه سيء.. فلهذا وزنه، ولذلك وزنه عندهم، وعند الله كذلك..
قوله تعالى:
«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ