رأينا ذلك فى الفصل بين المبتدأ والخبر فى قوله تعالى: «فَأَوْلى لَهُمْ طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ» وكما رأيناه فى هذا التدافع بين أداتي الشرط:
إذا، ولو..
وقد كشفنا عن بعض السر فى هذا، وما يحمل هذا النظم الذي جاءت عليه الآية الكريمة من معان لا يمكن أن يستقلّ بها نظم آخر، على أي وجه كان من وجوه النظم، غير هذا النظم القرآنى..
ولكن الذي نريد أن نشير إليه بتلك الملاحظة، هو أن هذا النظم الذي جاءت عليه الآية الكريمة- بصرف النظر عن المعاني التي يحملها فى فى كيانه- هذا النظم يمثل فى صورته اللفظية، من تقطّع، وتوقّف، وتدافع، ما تكون عليه أحوال المؤمنين الذين لم يدخل الإيمان فى قلوبهم دخولا متمكمنا- من اضطراب، وخلخلة، وتردد، وتدافع بين مختلف العواطف، حين يدعى هؤلاء المؤمنون إلى الجهاد، وقد عزم الأمر، وجدّ الجد! فجاء النظم على صورة هذه المشاعر، يفرقها، ويجمعها، كما تتفرق وتجمع فى هذا المقام! ..
فسبحان من هذا كلامه.. سبحانه.. عدد كلماته.
قوله تعالى:
«فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ» ..
هو بيان للحال التي سينتهى إليها أمر هؤلاء المؤمنين، الذين فى قلوبهم مرض، وهو أنهم إذا لم يستجيبوا لدعوة الله سبحانه وتعالى لهم، ولم يسمعوا ويطيعوا، ويجاهدوا فى سبيل الله- فإن هذا سينتهى بهم إلى أخذ طريق