للإشارة إلى أن ذنب النبي غير ذنب المؤمنين والمؤمنات.. وأن ذنب النبي هو- فى باب الفضل والإحسان- عدم تحرّى الأخذ بما هو أفضل وأحسن.
وفى اختلاف النظم القرآنى بين قوله تعالى فى شأن النبي: «وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ» وبين قوله تعالى فى شأن المؤمنين والمؤمنات: «وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ» من غير أن يضيف إلى المؤمنين والمؤمنات ذنوبا- فى هذا الاختلاف أكثر من إشارة:
فأولا: فى قوله تعالى فى شأن النبي: «وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ» - إشارة إلى أن ما كان من النبي صلّى الله عليه وسلّم من ذنب، هو معلوم له.. ذلك أن ما يعدّ من الذنب فى مقامه- صلوات الله وسلامه عليه- يشعر به النبي صلّى الله عليه وسلّم بمجرد وقوعه، لأنه شىء مظلم يدخل على هذا الوجود المشرق بنور الحق..
إنه سرعان ما يجد النبي فى نفسه نخسة لهذا الذنب، وسرعان ما يتجه إلى الله سبحانه، طالبا التوبة والمغفرة.. فإذا غفل النبي، عن ذنب وقع منه نبهه الله سبحانه وتعالى إلى ذنبه، وكشف له عنه، فى صورة عالية من الأدب الربانىّ..
ومن هذا عتابه سبحانه وتعالى لنبيه، فيما كان منه حين أعرض عن ابن أم مكنوم، الذي جاء يسأله عن شىء من أمر دينه، على حين كان النبي مشغولا بالحديث إلى جماعة من أشراف قريش، جاءوا يحاجّونه ويجادلونه.. فقال تعالى:
«عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى» (1- 3: عبس) .
ومن هذا أيضا عتابه سبحانه للنبى، وقد أذن لبعض المنافقين الذين جاءوا يستأذنونه فى التخلف عن الجهاد.. فقال سبحانه: «عَفَا اللَّهُ عَنْكَ: لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ؟» (43: التوبة) .
هذا هو مما يرى فى حق النبي ذنبا..
فقوله تعالى: «وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ» - إشارة إلى ذنب معلوم للنبى، قد علمه بمراجعة نفسه أو بإعلام الله إياه.. وهذا يعنى أن ذنب النبي شىء قليل،