قوله تعالى: «وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ» .. أي اطلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى، لذنبك، ولذنوب المؤمنين والمؤمنات، وذلك فى حال استحضارك ذكر ربك، والإقرار بتفرده بالألوهة.. فإذا كان ذلك، كان طلب المغفرة لذنبك، ولذنوب المؤمنين، طلبا واقعا موقع القبول، لأنه متوجّه به إلى من يملك الأمر كله..
[النبي.. وما ذنبه الذي يستغفر له؟] والسؤال هنا: هل للنبى- صلوات الله وسلامه عليه- ذنوب يطلب لها المغفرة من الله سبحانه وتعالى؟ وكيف يتفق هذا والعصمة الواجبة للنبى؟
والجواب على هذا- والله أعلم- من وجهين.
فأولا: عصمة النبىّ- صلوات الله وسلامه عليه- لا تقطعه بحال أبدا عن البشرية، التي لا تسلم- مهما بلغت من السموّ والكمال- من عوارض الخطأ، والتقصير، وذلك كشاهد على بشريّتها.
وما يقع من الأنبياء والرسل من خطأ وتقصير، هو من الهنات التي تمدّ حسنات إذا صدرت من غيرهم.. ومثل هذه الهنات لا تجور على عصمة النبىّ، فإنه- مع هذه الهنات- لا يزال على قمة الإنسانية فى أكرم صفاتها، وأنبل أخلاقها.. وقد استغفر كثير من الأنبياء من ذنوب سجلها القرآن الكريم عليهم.. كما فى قوله تعالى عن داود عليه السلام: «وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ، فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ» (34: ص) .
وكسليمان- عليه السلام- إذ يقول سبحانه: «وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ» (144: الصافات) .. ويونس عليه السلام: «فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» (144: الصافات) ..