العمل، وجاء وقت الحساب والجزاء.. لقد انتقلوا من دار العمل والابتداء إلى دار الثواب والعقاب.
وقوله تعالى: «فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ» .. أي فكيف تنقعهم الذكرى، إذا جاءتهم الساعة؟ والذكرى هى العبرة والعظة.. وفى يوم القيامة تكثر العبر والعظات، وتمتلىء القلوب بالندامة والحسرة على ما كان من الإنسان من تفريط فى جنب الله، وتقصير فى رعاية حقه.. فمن لم يكن مؤمنا قتل نفسه حسرة على أنه لم يكن فى المؤمنين، ومن كان مؤمنا ندم على ألا يكون فى المحسنين، ومن كان فى المحسنين، ندم على أنه لم يزدد إحسانا.. ولكن لا شىء ينفع فى هذا اليوم، إلا ما كان من عمل فى الدنيا. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى. «يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي» (23- 24: الفجر) .
قوله تعالى:
«فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ» .
المتقلب: ما يتقلب فيه الإنسان من شئون الحياة، والمراد به الحركة..
والمثوى المأوى، الذي يثوى إليه الإنسان، ويسكن إليه، والمراد به:
السكون.. والآية التفات من الله سبحانه وتعالى إلى النبي الكريم، واستدعاء، واستدناء له من الله، ليتلقّى ما يوصيه به ربه، تاركا هؤلاء المشركين وما هم فيه من عمى وضلال.. إنهم استحبوا العمى على الهدى، وآثروا الضلال والشرك، على الإيمان.. فلبموتوا بشركهم، وليلقوا المصير الذي هم أهل له..
أما أنت أيها النبي «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» .. فالألوهة مقصورة على الله وحده، لا يشاركه فيها أحد.. «إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ» .. «وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ» «لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ» .