التفسير:
قوله تعالى:
«أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها» ..
هو تهديد ووعيد للمشركين الذين كذبوا رسول الله، وأنكروا عليه ما دعاهم إليه من الإيمان بالله وحده، والإيمان باليوم الآخر، وبالحساب والجزاء..
وقد حمل هذا الوعيد إلى المشركين فى هذا الاستفهام الإنكارى الذي يرميهم بالعمى والغفلة عن النظر فيما حولهم، وفيما أصاب المكذبين برسل الله قبلهم، من عذاب ونكال.. لقد دمر الله على هؤلاء المكذبين، وأنى بنيانهم من القواعد، وأن للكافرين عند الله أمثال هذا التدمير..
وفى قوله تعالى: «دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» وفى تعدية الفعل بحرف الاستعلاء «على» - إشارة إلى أن هذا التدمير، قد وقع عليهم من جهة عالية، متمكنة، منهم، بحيث يكونون تحت رمياتها التي لا تخطىء الهدف أبدا..
وفى قوله تعالى: «وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها» بجمع أمثال، بدلا من قوله- مثلها- إشارة إلى أن ما يرمى به الكافرون من مهلكات، ليس على صورة واحدة، بل إن لكل أمة، ولكل جماعة لونا من ألوان الهلاك.. كما يقول الله تعالى:
«فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا» (40: العنكبوت) ..
فهى ألوان من الهلاك، مختلفة الأشكال، وإن كانت متفقة فى الآثار..