فهؤلاء الكافرون، والمشركون، والضالون، وهذه الآفات والشرور المبثوثة بين الناس، إنما هى القرابين التي يتقرب بها المؤمنون والصالحون من عباد الله، إلى الله، بالتصدّى لها، وإعلان الحرب عليها.. وبهذا ينالون من ثواب لله ورضوانه بقدر ما يعملون.. ولولا هذا لما كان ثمة عمل يمتاز به الخبيث من الطيب! وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ» أي هذا الاختلاف بين الناس، وهذا الصدام الذي يقع بين المؤمنين والكافرين منهم، إنما هو ابتلاء وامتحان لهم، حيث يكشف احتكاك بعضهم ببعض عن معدن كل منهم، كما يقول الله تعالى: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ» (31: محمد) ..
هذا، وأرى شفاها تتحرك عليها عبارات التساؤل أو الإنكار، لهذا الذي نقوله، من أن وجود أهل الضلال فى هذه الدنيا، هو سبيل من السبل التي يتخذها المؤمنون للتقرب إلى الله، ولرفع درجاتهم عند الله بجهادهم، وقتلهم، أو الاستشهاد فى سبيل الله على أيديهم.. وقد يقول قائل:
ما ذنب هؤلاء الضالين فى تقديمهم على مذبح القربان لله؟ وأ لهذا كنت الغاية من خلقهم؟.
وقول: وماذا ينكر المنكرون من هذا؟ ولم لا يكون هؤلاء المشركون والكافرون والضالون جميعا قربانا يتقرب إلى الله بجهادهم من أهل الإيمان؟.
وقد يقول قائل: أهذا ممكن أن يكون فى شأن الإنسان، الذي كرمه الله سبحانه، ورفعه على سائر مخلوقات الأرض، وجعله خليفة له فيها؟.