أذى المشركين، وعنادهم، وألا يستعجل لهم العذاب فى الدنيا، فإن العذاب الذي ينتظرهم فى الآخرة قريب، وأنه حين يقع بهم، لا يحسبون حسابا لأيام الدنيا التي عاشوها، وقطعوا فيها أعمارهم، فإنه أيّا كانت أعمارهم تلك من الطول، فسيرونها يومئذ لم تكن غير ساعة من نهار.. وأنهم ولدوا صباح يوم، ثم أخذهم عذاب الآخرة فى ضحى هذا اليوم! فهل من يرى هذا الزمن على حقيقته يستعجل العذاب لأهل العذاب؟ ..
وفى قوله تعالى: «كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ» - ما يسأل عنه..
فأولا: من هم أولو العزم من الرسل؟ وهل من الرسل ما لا يتصف بهذه الصفة؟ ثم ألا يكون عدم اتصاف الرسول بتلك الصفة مما ينافى المهمة المنتدب لها من السماء؟ ..
اختلف المفسرون فى تحديد أولى العزم من الرسل.. والرأى على أنهم نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، صلوات الله وسلامه عليهم..
ولا شك أن الرسول- صلوات الله وسلامه عليه، - وهو المقصود بهذا الأمر، كان يعرف عن يقين من هم أولو العزم من الرسل.. أما غير الرسول فإنه ليس مطالبا بأن يعرف من هم أولو العزم من الرسل، إذ لم يكن لغير الرسول شىء فى هذا الأمر الموجه إليه من ربه، إذ كان امتثال هذا الأمر، والوفاء به، هو مما يطالب به النبي وحده، لما أتاه الله من فضله، من نفس عظيمة تتسع لهذا الأمر العظيم، والله سبحانه وتعالى يقول: «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» (286: البقرة) .. وإن كان هذا لا يمنع من أن يكون لنا فى رسول الله أسوة، فى مقام الصبر على ما نبتلى به من شدائد.