قوله تعالى:
«وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» الخطاب للمشركين، وهو تهديد ووعيد لهم بأن يصيروا إلى هذا المصير الذي حلّ بالقرى التي حولهم، كفرى عاد، وثمود، وقوم لوط..
وقوله تعالى: «وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» .. هو حديث عن أهل هذه القرى التي أهلكها الله.. فما أهلك الله سبحانه أهل هذه القرى حتى بعث إليها رسلا منهم، يبلغونهم رسالة ربهم، وينذرونهم بأسه وعذابه، إن لم يؤمنوا بربهم، ويستقيموا على طريقه المستقيم..
وتصريف الآيات، تنويعها، واختلاف وجوهها، وتباين معارضها، حتى تتوارد أنظارهم على هذه الآيات، فيكون لهم مع كل آية نظر، ويكون لهم من كل نظر عبرة ومزدجر..
وفى قوله تعالى: «لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» - إشارة إلى أن تصريف هذه الآيات وتنويعها، إنما كانت غايته أن تتيح للقوم أكثر من فرصة للتأمل والنظر، لعلهم ينتفعون بهذا، ويرجعون عما هم فيه من كفر وضلال..
ولكنهم لم ينتفعوا، ولم يرجعوا، فحق عليهم القول بما ظلموا، وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون..
والترجّى- كما أشرنا فى أكثر من موضع- إنما هو منظور فيه إلى الناس، وإلى أن هذا الذي يساق إليهم من آيات مختلفة الأشكال والألوان، كان يمكن أن يناط به الرجاء، وتتعلق به الآمال فى إصلاح القوم، ولكنهم قطعوا بأيديهم حبل الرجاء الممتد إليهم من تلك الآيات! ..