صغر.. إنهم لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له.. كما يقول سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ» . (73: الحج) ..
وقوله تعالى: «أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ» هو إضراب عن السؤال السابق، بعد أن عرف الجواب عنه، وهو الصمت والوجوم.. وإنشاء لسؤال آخر، فربما وجد المشركون جوابا له، بعد أن عجزوا عن الإجابة عن السؤال الأول..
«أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ؟» أي إذا لم يكن لهؤلاء المعبودين شىء مما خلق الله سبحانه وتعالى فى الأرض من مخلوقات.. فهل لهم شركة مع الله فيما خلق فى السموات؟ وإنه لا جواب على هذا إلا العجز الصامت، والوجوم المطبق! ..
فإن كان هناك من يكابر، ويأبى إلا أن يجعل لهذه المعبودات سلطانا فى السموات أو فى الأرض، فليأت بكتاب من عند الله من الكتب التي سبقت القرآن الكريم، وتقدمت نزوله.. فإن لم يكن كتاب فليكن «أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ» أي أثر ولو قليل من علم، مصدره أهل الذكر والعلم.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ»
(8: الحج) ..
وفى السؤال عما للمعبودين فى الأرض بلفظ «الخلق» وعما لهم فى السموات بلفظ «الشرك» - فى هذا مراعاة لمقتضى الحال التي عليها المشركون مع آلهتهم.. حيث يبدو لهم من معبوداتهم أن لها تدبيرا وتصريفا مستقلا فى شئون الحياة.. كما كان فرعون يدّعى أنه بألوهيته، هو الذي يمد قومه بأسباب الحياة، وما ينزل عليهم من مطر، أو ينبت من نبات.. وكما كان