فرق الأمر: قطعه، والفصل فيه.. ومنه الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل..
والمعنى: أنه فى هذه الليلة المباركة يقضى ويفصل كل أمر حكيم، أي محكم، لا ينقض، ولا يبدل..
والمراد بالأمر الحكيم هنا، هو القرآن الكريم، الذي ابتدأ نزوله فى ليلة القدر، وسمّى حكيما، لأنه قائم على الحكمة الإلهية، مقدر بقدرها، ولأنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه..
تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ..»
(64: يونس) .
وما يضاف إلى هذه الليلة المباركة، من البركة، ومن القضاء بكل أمر حكيم فيها، هو خاص بهذا الكوكب الأرضى، وبالإنسان الذي يقوم على خلافة الله فيه، حيث لكل عالم نظامه الزمنى، وأوقاته المباركة..
وقوله تعالى: «أَمْراً مِنْ عِنْدِنا» منصوب على الاختصاص، أي أخص وأعنى بهذا الأمر الحكيم- أمرا صادرا من عندنا، هو القرآن الكريم..
وهنا سؤال، وهو كيف خصّ وصف الأمر بالحكمة هنا، مع أن كل أمر يقضى به الله هو موصوف بالحكمة من غير وصف؟
والجواب على هذا- والله أعلم- أن وصف الأمر بالحكمة ليس وصفا مخصصا له، وإنما هو وصف مؤكد للوصف القائم فى ذات الأمر ومبين له..
كما يقال فى وصف العسل مثلا بأنه حلو، وفى وصف المسك بأنه طيّب الريح.! ..