الرمزى، الذي اختصّ النبي- صلوات الله وسلامه عليه- بفهمه والعمل به، دون أن يطالب غيره من المؤمنين بالبحث عن دلالته، وإن كانوا مطالبين بالتعبد بتلاوته.
ومن جهة أخرى، فإنه قد جاء فى ختام سورة الشورى: «وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ، وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ» ..
ثم كان قوله تعالى فى مفتتح سورة الزخرف: «إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ» - بيانا لهذا النور، الذي يهدى إلى صراط الله، وهو أنه قرآن كريم، بلسان عربى مبين، وأنه بهذا اللسان هو نعمة جليلة أنعم الله بها على العرب، الذين كان معهم وحدهم مفاتح الطريق إلى هذا النور، وكان إليهم قيادة الناس جميعا إلى الهدى.. ثم كان قوله تعالى بعد ذلك: «أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ» - تهديدا لهؤلاء الذين جعل الله إلى أيديهم مفاتح هذا النور أن يصرف عنهم هذا العطاء الجزيل، إذا هم لم يقبلوه، ويحسنوا الانتفاع به.. وبهذا، وبكثير غيره مما سنراه عند وقوفنا بين يدى هذه السورة، نجد التآخى بين السورتين، ذلك التآخى الموصول بين آيات القرآن كلها، وسوره.. آية آية، وسورة سورة..