وهو دين إبراهيم عليه السلام.. فقد كان- صلوات الله وسلامه عليه- مؤمنا بإله واحد، قائم على هذا الوجود، متفرد بالخلق والأمر.. أما ما لم يكن يعرفه النبي من الإيمان، فهو ما يتصل بالشريعة التي تتصل بهذا الإيمان، والتي جاء القرآن الكريم مبيّنا لها.. فالإيمان: قول، وعمل.. عقيدة، وشريعة..
وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يعرف الجانب العقيدى، ويتعبد لله عليه، قبل البعثة.. أما الجانب التشريعي، فلم يكن يعلم منه شيئا إلى أن تلقاه وحيا من ربه، فى أحكام الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وفيما أحل الله، أو حرم..
فنفى علم النبي بالإيمان قبل الوحى، ليس على إطلاقه، وإنما هو نفى لتمام العلم بالإيمان كله، عقيدة وشريعة..
قوله تعالى: «وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا» ..
الضمير فى جعلناه، يعود إلى الروح الموحى به من أمر الله، أو إلى الكتاب..
وفى قوله تعالى: «جَعَلْناهُ نُوراً» - إشارة إلى ما يحمل القرآن من هدى ونور، يكشف معالم الطريق إلى الله..
وفى قوله تعالى: «نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا» - إشارة أخرى إلى أن هذا النور، لا يهتدى به إلا من شاء الله سبحانه وتعالى له الهداية من عباده، فهو رزق من رزق الله، «وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ» وفى قوله سبحانه: «وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» - إشارة ثالثة إلى أن الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- هو نور من هذا النور، وأنه معلم من معالم الحق، يهدى إلى الحق، وإلى طريق مستقيم، وذلك فى سنته القولية والعملية.. وهذا يعنى أن السنة المطهرة- قولية وعملية- هى من هذا النور السماوي.