فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها»
- فإنهم لو آمنوا وعملوا الصالحات فإنما ذلك لخيرهم، وسعادتهم، وإن هم أمسكوا بكفرهم وضلالهم فذلك لشؤمهم وشقائهم.. فكل إنسان مجزى بما عمل «لا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» .
وقوله تعالى: «وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» أي أنه سبحانه وتعالى لا يظلم مثقال ذرة، كما يقول سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً» (40: النساء) كما أنه سبحانه لا يأخذ المطيع بذنب العاصي.. «ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ» (52: الأنعام) .
وفى التعبير بصيغة المبالغة فى قوله تعالى: «بظلام» - إشارة إلى أمور..
أولا: أن كثرة الناس هلكى، وقليل منهم هم الناجون.. هكذا قضت مشيئة الله فى عباده، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ» .. فلو نظر ناظر إلى كثرة الواردين على جهنم، لداخله شعور بأن هؤلاء الناس واقعون تحت سلطان مستبدّ قاهر- فجاء قوله تعالى: «وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ» ليدفع ذلك الشعور الخاطئ..
وثانيا: أن العذاب الواقع بأهل الضلال، عذاب شديد، لم يقع فى تصور إنسان، فإذا اطلع مطلع على ما يلقى أهل النار من بلاء، خيل إليه أن لا ذنب يستحق هذه العقوبة التي لا يعرفها أحد.. فجاء قوله تعالى «وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ» ليدفع هذا التصور الخاطئ كذلك..
وثالثا: أن الله سبحانه وتعالى يملك التصرف المطلق فى عباده، وأنه قادر على أن يضاعف عقاب المذنبين أضعافا كثيرة، وأن يجزى السيئة بعشر أمثالها، كما يجزى الحسنة بعشر أمثالها، ولو فعل ذلك لما كان ظالما، ولا ظلاما، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.. فإن