أي هذا الظن الذي ظننتموه بربكم من أنه قد يعلم ما تبدون، ولا يعلم ما تكتمون.. هذا الظنّ هو الذي أفسد عليكم معتقدكم فى ربّكم، فلم تروه سبحانه إلا على ما ترون به بعض أصحاب الجاه والسلطان، ممن لهم جنود وعيون، يرون القليل، ولا يرون الكثير.. فكان إيمانكم بالله هو هذا الإيمان الفاتر الفاسد، الذي لا يفرده بالألوهية المطلقة، والعلم المطلق.
قوله تعالى:
«فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ» أي فإن يصبر هؤلاء المشركون على هذا البلاء الذي هم فيه من ظنهم بالله هذا الظنّ السيّء، فالنّار هى موعدهم، وهى مأواهم الذي يأوون إليه..
وإن يستعتبوا أي يطلبوا العتبى فى طلب الصفح وإصلاح ما أفسدوا، فلن يعتبوا، ولن يقبل منهم تصحيح معتقدهم، بعد أن فات الوقت، وأفلتت الفرصة من أيديهم وهم فى الدنيا. أما اليوم- يوم الحساب- فلا يقبل عمل، ولا تنفع معذرة! كما يقول الله سبحانه: «لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ.. إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» 7: التحريم
وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (25) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (28) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)