يكون عدم أدائها المعلم البارز من معالم المشركين؟ ثم كيف يكون هذا شأن الزكاة فى هذه المرحلة من الدعوة، التي لم تكن الزكاة قد فرضت فيها على المسلمين، إذ أن السورة مكية، والآية مكية كذلك، والزكاة إنما فرضت فى المدينة! فكيف هذا؟
والجواب- والله أعلم- من وجوه:
فأولا: ليس المراد بالزكاة، هو الزكاة المفروضة، وإنما المراد بها الإنفاق فى سبيل الله، وفى وجوه الخير ابتغاء وجه الله.. فكل ما ينفق فى سبيل الله وابتغاء وجه الله، هو زكاة، وطهرة للمنفق..
وثانيا: أن الزكاة بهذا المعنى لم تجىء صفة أصلية، وإنما جاءت حالا من أحوال الذين لا يؤمنون بالآخرة.. «الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ، وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ» .. فهذه الحال- وهى عدم إيمان المشركين بالآخرة- هى التي جعلتهم لا يؤتون الزكاة.. فلو أنهم كانوا يؤمنون بالآخرة، لأعدوا لها عدتها ولسخت أيديهم بالإنفاق فى وجوه الخير، ليكون لهم من ذلك زادا ما يتزودون به لهذا اليوم..
وثالثا: أن الإتيان للزكاة، يشمل الإتيان لكل طيب، ولكل ما يتطهر به الإنسان، ويزكو، ولا طهر ولا زكاة، مع الشرك.. فيكون من المعاني التي يشير إليها قوله تعالى: «الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ» أي الذين لا يؤمنون بالله..
ويكون «الإتيان» هنا بمعنى التسليم، وإعطاء الولاء لله ولرسول الله.. ويروى عن ابن عباس فى هذا: «أنهم لا يقولون: لا إله إلا الله» .
قوله تعالى:
«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ»