من يقول إن الحروف التي بدئت بها أوائل السور ليست من القرآن، وإنما هى إضافات ألحقت ببعض السور فى الدور المكي من نزول القرآن، وقد وضعت على رأس هذه السور، لتدلّ على عدد آياتها، محسوبة بحساب «الجمل» للحروف، الذي كان معروفا للعرب.. فقد كان من تدبير النبي- كما يزعمون فى هذا الدور من نزول القرآن أن يضبط عدد آيات السورة، ويقيّدها بهذه الحروف التي توضع على رأسها، حتى لا تختلط بغيرها، وذلك أن عملية كتابة الوحى لم تكن قد انتظمت، ورتب لها كتابها، وأدواتها فى هذا الدور المبكّر من نزول القرآن..
وهذا الزعم، باطل من وجوه:
فأولا: أنه إن أخذ به، لا يحقق الغاية التي قيل إنه جاء من أجلها، وهو ضبط عدد آيات السورة.. وذلك أنه ليس كل سور القرآن المكي بدئت هذا البدء بالحروف المقطعة، حتى يمكن حصر كل سورة فى العدد الذي تدل عليه هذه الحروف القائمة على رأس كل سورة.. وعلى هذا يمكن إذا سقطت آية أو آيات من السورة التي ضبط عددها أن يستجلب لها ما سقط منها من سورة أخرى من السور التي لم يضبط عددها.. وإذن يكون هذا التدبير، غير محقق للغرض الذي قصد منه..
وثانيا: لو صحّ هذا الزعم بأن تلك الحروف كانت لضبط عدد آيات السور فى القرآن المكي- لكان من تمام التدبير أن يشمل ذلك القرآن المكي كله، بل كان أولى به، تلك السور التي كانت أول القرآن نزولا، وهذا غير وارد فى القرآن..
وثالثا: إذا صح هذا الزعم أيضا، بالنسبة للقرآن المكي الذي قيل