وننظر فى رسالة موسى إلى فرعون، فنجد أن موسى هو صاحب الدعوة والقائم عليها، وأن هارون، كان وزيرا له، أي سندا ومعينا، كما يقول سبحانه وتعالى: «وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً» (35: الفرقان) ويقول سبحانه: كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ» (15- 16 المزمل) ..
فموسى عليه السلام، رسول، وهارون- عليه السلام- نبى، يقوم ردءا لهذا الرسول وسندا.. ثم يقوم من وراء الرسول والنبي، الممثلين لدعوة السماء- ثالث، يمثّل دعوة الإنسان وما أودع الخالق فيه من فطرة، وعقل.. وبهذا تلتقى السماء بالأرض، ويرتفع من الأرض هذا الإنسان، الذي يمثّل كرامة الإنسان، ويحتفظ للإنسانية بمكانها فوق عالم الحيوان..! وهذا يعنى أن الإنسانية قادرة على أن تلد الهداة والمصلحين الذين يمكن أن ترى عقولهم نور الحق، وتستضىء به، وتسير على ضوئه، وتتعرف إلى الله الواحد الأحد، بمنقطع من دعوات السماء، ورسالات الرسل!.
وهنا نشير إلى ما ذكرناه من قبل فى سورة يس عند تفسير قوله تعالى:
«وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ» ..
وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (47) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (48) وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ (49) قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (50) إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (51)
يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52)