حق، فجعلوا يلقونه بالجدل، سخرية واستهزاء، لا طلبا لعلم، ولا التماسا لمعرفة.
وقوله تعالى: «فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ» - هو إحقار لشأن هؤلاء الكافرين المعاندين، ولما بين أيديهم من مال وسلطان.. والمراد بالذين كفروا هنا، المشركون.. وتقلبهم فى البلاد، هو تنقلهم فى تجاراتهم، إذ كانوا أصحاب تجارات، مع أهل الشام شمالا، ومع اليمن جنوبا.. فى رحلتى الشتاء والصيف..
قوله تعالى:
«كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ» هو تهديد لهؤلاء المشركين بعذاب الله، الذي يقع بالضالين المكذبين.. فهم ليسوا أول من كذب بالله، فقد كذبت من قبلهم أقوام بعد أقوام.. كذبت قبلهم قوم نوح، وكذلك كذب الأحزاب من بعد قوم نوح.. «وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ» أي أرادت كل أمة من هذه الأمم الضالة، أن تلحق الأذى برسولها، أو أن تفتك به.. «وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ» أي وأقبلوا بالباطل الذي معهم ليبطلوا به الحق الذي بين يدى النبي، ويقيموا لهذا الباطل حججا من السفه والضلال..فماذا كان مصيرهم؟ لقد أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر: كما يقول سبحانه: «فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ»
(40: العنكبوت) وقوله تعالى: «فَكَيْفَ كانَ عِقابِ؟» استفهام يراد به التقرير، والإلفات إلى هذا العذاب الشديد..
والأحزاب، هم جماعات الضالين المكذبين بالرسل، على اختلاف أزمانهم