على ما هم عليه عباده، وأبوابه لن تغلق دونهم، ورحمته لن تحجب عنهم، ماداموا فى هذه الدنيا..
ألا خسىء من لا يستحى من ربه، فيظل قائما على حربه، على حين يبسط إليه ربه يده، ويظلله بربوبيته، ويمده بنعمه وفضله! فقوله تعالى: «وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ» - هو رحمة من رحمة الله، وإفساح لطريق النجاة، بالعودة إلى الله والمصالحة معه، فى أية لحظة من لحظات الحياة، قبل أن تدنو ساعة الموت، وينقطع العمل، وينتقل الإنسان إلى الدار الآخرة بما مات عليه فى الدنيا..
وعندئذ ينزل الإنسان منزله فى الآخرة، بآخر منزل كان عليه فى الدنيا..
«فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ. وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ، وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ» (88- الواقعة) .
قوله تعالى:
«وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ» .
أحسن ما أنزل إلى العباد من الله، هو كلمات الله، وهى القرآن الكريم.. فقد أنزل إلى العباد من الله نعم كثيرة، وخيرات موفورة، وأرزاق لا تحصى، ولكن أحسن ما أنزل إليهم من هذه النعم وتلك الخيرات، وهذه الأرزاق، هو هذا الكتاب، الذي به يعرف الإنسان قدر هذه النعم، وطعم هذه الخيرات.. فهو الميزان العدل الذي يقيم هذه النعم وتلك الخيرات على طريق الحق والإحسان، وبغير هذا الميزان تتحول هذه