وهذه الإضافة تضفى على روح الإنسان صفاء إلى صفاء، وقوة إلى قوة..

وإنه إذا كان لا حديث للعلم فى هذا الأمر الغيبىّ، فإن المشاهدة تدعونا إلى القول بأن الأرواح التي تلبس الكائنات الحية- بما فيها الإنسان- ليست على درجة واحدة من القوة التي تنبعث منها فى الكائن الحي، وفى الآثار التي تحدثها فيه..

ففى عالم الحيوان مثلا.. نجد من الحيوانات مالا تكاد تحسّ فيه الحياة، كالديدان مثلا، كما نجد حيوانات تكاد تعقل، كالقردة.. وبين هذه وتلك أنماط كثيرة من الحيوات التي تلبس عالم الحيوان..

وهذا يعنى أن اختلافا ما بين روح وروح إن لم يكن فى النوع ففى القدر، وفى الدرجة.

ومن جهة أخرى، فإننا نجد فى عالم البشر أناسا لا يبتعدون كثيرا عن عالم الحيوان، بينما نجد الذكاء والألمعية والعبقرية فى أناس آخرين.

وهؤلاء وأولئك جميعا يلبسون أرواحا من مورد واحد، هى نفخة الله سبحانه وتعالى فى الإنسان.. وهذا يعنى أن الاختلاف فى الأرواح البشرية ليس فى النوع، وإنما فى القدر والدرجة.. أيضا.. بمعنى أن الاختلاف بين إنسان وإنسان فى العقل، والذكاء، والبصيرة، هو اختلاف فى القدر الذي كان للجسد من عالم الروح، وفى الكمية- إن صح هذا التعبير- التي فاضت عليه من هذا العالم!! وهذا أيضا ما يشير إليه الفلاسفة فى حديثهم عن الروح، وأن كل جسد إنما تلبسه روح خاصة به، مقدرة بحسب استعداده الفطري، وقدرته على احتمال ما يفاض عليه منها..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015