أما الآخر، فهو على حال من الأمن والاستقرار..
ومن هذا المثل تبدو العبرة والعظة لمن اعتبر واتعظ.
فالذى يعبد آلهة شتى، هو صورة من هذا الرجل الذي تملكه تلك الأيدى الكثيرة المتشاكسة.. إنه يقطع أنفاسه لاهثا، وراء كل إله يريد أن يكسب رضاه، بالملق والرياء، والدّس على الآلهة الآخرين..
وأما الذي يعبد إلها واحدا، هو الله ربّ العالمين، فهو صورة لهذا الرّجل الذي هو سلم لرجل، أي خالص له، لايدين بالولاء لغيره.. إنه إذ يعبد الله وحده، فهو على حال من الأمن والطمأنينة، مادام مطيعا له، مخلصا فى عبادته.
وقوله تعالى: «الحمد لله» .. هو التعقيب على هذا المثل، الذي تنكشف به الطريق إلى الحق، وإلى الإيمان بإله واحد لا شريك له.. وهذا الحمد، هو منطق كل مؤمن، ولسان كل عاقل، نظر فى هذا المثل، وأخذ العبرة منه..
قوله تعالى: «بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ» - هو إضراب عن الحمد المطلوب من المشركين والضالين، والذي يقتضيه العقل منهم، وهم فى مواجهة هذا المثل المضروب.. فالناس جميعا مطالبون من عقولهم بأن يحمدوا الله الذي ضرب لهم الأمثال، ليبين لهم الطريق إلى الحق والخير.. ولكن أكثر الناس، - وهم أهل الضلال والشرك- لا يعلمون شيئا، ومن ثم فلا يحمدون الله على هذا المثل المضروب لهم، إذ لم يعلموا ما ينطوى عليه من هدى ونور.