المشركون فلكم ما تشاءون من معبودات تعبدونها من دون الله.. «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ» (6: الكافرون) فكلّ محاسب بما يدين به، وكل مجزىّ بما يعمل: «لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ» (25: سبأ) قوله تعالى:
«قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ.. أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ» إن العبرة فى الريح أو الخسارة، هى فى الحساب الختامى، الذي يسوّى فيه حساب الإنسان.. أما هذا الحساب اليومي فى هذه الدنيا، فإنه لا يكشف عن المركز الصحيح للإنسان..
هكذا يعرف الناس شئونهم فى هذه الدنيا. إنهم يقيمون موازين حياتهم لا على لحظه عابرة، ولا على يوم يعيشون فيه، وإنما ينظرون إلى الغد، وما بعد الغد.. وحياتهم الدنيوية، هذه- لو عقلوا- لحظة من لحظات حياتهم الممتدة إلى ما وراء هذه الحياة، وأنها ليست إلا يوما، أو بعض يوم.. وإنه لضلال مبين أن يقيم المرء حسابه كله على ميزان يوم أو بعض يوم، حتى إذا طلع عليه صح يوم جديد، ولم يكن قد عمل له حسابا، وجد نفسه ولا شىء معه. وهنا يكون الندم، ويكون الخسران..
والخاسرون حقا، هم أولئك الذين أقاموا ميزانهم على هذه الحياة الدنيا، ولم يجعلوا للآخرة حسابا.. إنهم يجيئون إلى الحياة الآخرة، وقد صفرت أيديهم من كل خير يجدونه فى هذا اليوم، بل سيجدون ديونا كثيرة هم مطالبون بها، ولا يقدرون على أداء شىء منها، إلا الحبس فى جهنم، وفاء لهذه الديون! والسؤال هنا: إذا خسر المجرمون أنفسهم، وأوردوها موارد الهلاك يوم