رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ.. إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ»
..
أي أهذا الذي يمكر بالله، فإذا أصابه ضرّ لجأ إليه، وإذا كشف الضرّ عنه نسى ربه، ومرّ كأن لم يدعه إلى ضرّ مسّه- أهذا، أم ذلك الذي هو على ذكر دائم لربه فى السراء والضراء جميعا؟ ..
أهذا الذي لا يذكر ربه إلا عند الشدّة، أم هذا القانت فى محراب صلاته بين يدى ربه، القائم فى ولاء وخشوع، يقطع الليل ساجدا، وقائما، وهو بين خوف من عذاب الله، وطمع فى رحمته.. فإذا ذكر عذاب الله طلب السلامة من هذا العذاب بالاستغفار، وإذا ذكر رحمة الله، أنس بالرجاء فى مغفرته ورضوانه فلهج بالحمد والشكر؟ .. أيستوى هذا الحامد الشاكر فى السّرّاء والضراء، وهذا الجاحد الغافل؟
وفى توقيت القنوت بالليل، إشارة إلى المعاناة التي يجدها المؤمن فى طاعة ربه، حيث يهجر النوم بالليل ويقهر سلطانه.. وفى هذا يقول الله تعالى:
«إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا» (6: المزمل) ويقول سبحانه فى الثناء على عبّاد الليل، وما لهم من جزاء عظيم عنده: «كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» (17- 18: الذاريات) .
وقوله تعالى: «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ» ..
كان مقتضى السياق أن تجىء المفاضلة بين المؤمن والكافر، أو بين من يذكر الله ومن لا يذكره، فيقال مثلا: هل يستوى المؤمنون