وبهذا خرج سليمان من سلطان هذا الملك الذي يفتن به الملوك، وقام على ملك لا تخلص إليه منه فتنة..!! أو بمعنى آخر، لقد صفّى ملكه من تلك الشوائب التي تجىء منها الفتن، بما وضع الله سبحانه وتعالى فى يديه من قوّى يستغنى بها عما يكلف به الملوك رعاياهم، وما يحملونهم عليه من أمور، يحققون بها أبّهة سلطانهم، ويقيمون عليها عظمة ملكهم، فيكون الظلم والقهر والاستبداد..

هذه هى قصة سليمان، على هذا التأويل الذي تأولنا عليه آيات الله، التي عرضت لهذه القصة.. وهو تأويل، نرجو أن يكون- بتوفيق الله- أقرب إلى الصواب، وأدنى إلى موقع الحق.. فإننا لم نر أحدا من المفسرين- فيما بين أيدينا من أمهات كتب التفسير- قد تأول الآيات هذا التأويل، وأقامها على هذا الوجه..

وإنه لا بأس من أن نعرض هنا بعضا من وجوه التأويل التي ذهب إليها المفسرون، حتى ينكشف وجه الخلاف، ويكون للناظر فى تفسيرنا هذا أن يأخذ به، أو يأخذ ما يشاء من تلك المقولات:

فأولا: يذهب أكثر المفسرين لقوله تعالى: «حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ» يذهبون إلى أن الضمير فى «توارت» يعود إلى الشمس، وأن سليمان عليه السلام، شغل باستعراض الخيل، حتى توارت الشمس فى مغربها.. فلما غربت الشمس تنبه إلى أن وقت الصلاة قد فاته، فوقع فى نفسه الندم على هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015