فى غير مهل.. دعاء فإجابة.. وهذا يدل على ذلك الرضا العظيم من الله سبحانه عند عن هذا الذي أقبل عليه بقلب سليم، منيبا إليه، طامعا فى رحمته ومغفرته! ولا بد من وقفة هنا:
فأولا: لقد أقام الله سبحانه سليمان فى منصب الملك، كما أقامه فى منصب النبوة.. فهو- بتكليف من الله سبحانه- ملك ونبىّ معا..
وثانيا: لقد جرب سليمان الحياة مع الملك والنبوة، فوجد سلطان الملك يكاد يطغى على مقام النبوة.. ولقد رأى رأى العين كيف شغلته الخيل عن أن يؤدى للنبوة حقها، وأن يذكر الله ذكر الأنبياء، ووقف من نفسه موقف اللائم المؤنب، فيقول لها: «إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي» ! وثالثا: بعد هذا العرض للخيل الذي رأى فيه سليمان وجه الفتنة كالحا مخيفا، يهجم على نبوته ويكاد يحتويها، رأى فى هذا الملك خطرا يتهدد نبوّته إن هو ظل قائما عليه، ممسكا به، ثم رأى- من جهة أخرى- أنه ملك من قبل الله، كما هو نبىّ من عند الله، وأنه لا سبيل له أن يخلى يده من هذا الملك..
إنه ملك ونبىّ معا..
ورابعا: لا بد إذن أن يكون سليمان ملكا، وقد رأى ما يسوق إليه الملك من فتنة.. فليكن إذن ملكا، ولكن ليكن هذا الملك على صورة غير هذا الملك الذي تجىء منه الفتن.!
وخامسا: فى طلب سليمان تغيير صفة هذا الملك، نراه يقول: «هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي» .. إنه ملك، ولكنه على غير ما يملك