وداود- عليه السلام- يمثّل السلطان فى أعزّ مكان، وأقوى سلطان..

وبكلمة منه إلى أحد رعاياه نزل له هذا الرعية عن شىء- هو أعز ما يملك- كانت نفس داود قد مالت إليه، ورغبت فيه.. ولم يستطع هذا «الرعية» أن يقول: لا.. توقيرا وهيبة، أو خوفا وإشفاقا..

وفى قوله تعالى: «وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ» - إشارة إلى أن كلمة «داود» كانت حكما قاطعا، وقضاء نازلا، لم يستطع له هذا «الرعية» ردّا.

يقال: عز فلان، أي صار ذا عزة، وعز فلان فلانا، أي غلبه.

وفى المثل: «من عزّ بزّ» أي من قوى، غلب وسلب! وماذا أخذ «داود» من هذا الإنسان؟

إنه شىء ما، عزيز على هذا الإنسان، مستغن به.. قد يكون فرسا، يضمه داود إلى مقتنياته من جياد الخيل.. وقد يكون مزرعة بين مزارع داود.. وليس من الحتم أن يكون امرأة، كما ذهب إلى ذلك أكثر المفسرين، مستندين فى هذا إلى ما جاء فى قضية الخصمين، وإلى أن النزاع كان بينهما على «نعجة» .. والنعجة تطلق فى لسان العرب على المرأة!! ولو سلمنا بهذا، لكان لنا أن نقول، إن هذا مثل، تراد دلالته، ولا تراد صورته..

فلو ذهبنا نأخذ صورة المثل هنا، لكان من الحتم أن يكون لداود تسع وتسعون امرأة.. وهذه الكثرة فى النساء، إن فرض التسليم بها، فلم يوقف بها عند هذا العدد بالذات؟. ولم لا تزيد أو تنقص؟

إن دلالة التسع والتسعين- كما قلنا- هى دلالة على أمرين:

أولا: كثرة الشيء ووفرته..

وثانيا: نقص هذه الكثرة، وحاجتها لشىء يبلغ به تمامها، حتى تكون مائة!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015