هذه واحدة..

وأخرى، هى أن هذا النبي الكريم، وإن لم تكن له رسالة خاصة فى قومه، فإن رسالته فيهم، كانت امتدادا لرسالة موسى. فهو- والأمر كذلك- لم يكن فى رسالته إليهم إلا أن يقيمهم على الشريعة التي فى أيديهم، وأن يحقق العدل الذي اختلت موازينه فى أيديهم..

وهذه ثانية..

وثالثة، هى أن معركة هذا النبىّ وميدانها، هو فى هذا الصراع الذي يقوم بين السلطتين اللتين فى يديه.. سلطة الدين الذي يمثل سلطان الله الذي وضعه فى يده بمنصب النبوة، وسلطة الدنيا التي تتمثل فى هذا الملك الذي يقوم عليه..

ومن هنا كان على داود- عليه السلام- أن يمسك ميزان العدل فى يديه، وأن يقيمه بالقسط، فلا يميل ولا ينحرف.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:

«يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ» الآية..

ورابعة.. وهى أن إقامة هذا الميزان على حال سوى متوازن دائما، أمر لا تكاد تحتمله طاقة البشر، فقد يكون فى طاقة الإنسان أن يعمل للملك وحده، فلا يعطى للدين ولا للآخرة شيئا.. وقد يكون فى طاقته أن يعمل للدين وحده، فلا يعطى الدنيا من نفسه شيئا.. هذا وذاك أمران ممكنان.. وممكن كذلك، أن يجمع الإنسان بين السلطان فى الدنيا، والعمل للآخرة.. وذلك بأن يعمل للآخرة، وأن يمسك بطرف من السلطان الدنيوي أو أن يعمل للدنيا، ويمسك بطرف من الآخرة.. أما أن يجمع بين الدين والدنيا هذا الجمع المتوازن، المستقيم على خط هندسى.. فهذا هو لذى لا يمكن أبدا..

وننظر إلى داود- عليه السلام- فى موقفه هذا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015