إنها هفوة من هفوات النفس البشرية، وهى فى حساب الناس لا تكاد تعدّ شيئا، بل حتى لا تحسب من اللمم المعفو عنه، ولكنها فى مقام الأنبياء والرسل شىء عظيم، وذنب كبير..!
ونكاد نقف عند هذا الحد من هذه القضية، أو القصة. فهذا ما نأخذه من آيات الله، ودلالاتها القريبة، دون تعسف فى التأويل، ودون استجلاب للمقولات الغريبة، التي تحمل عليها آيات الله حملا..
نقول، نكاد نقف عند هذا الحدّ من تلك القضية، وحسبنا أن نعرف مما تحدثنا به آيات الله، أنه كان من نبى من أنبياء الله الكرام هفوة، ثم كان له من الله سبحانه ألطاف، فتاب إلى الله واستغفر لذنبه، فغفر الله له، وزاد مقامه عنده رفعة- نقول- مرة ثالثة- كنا نريد أن نقف عند هذا الحد لا نتجاوزه، ولكنا نجد بين أيدينا، كتب التفاسير كلها، قد جاءت بمقولات من وراء دلالات الآيات القرآنية، وأكثرها مأخوذ عن روايات إسرائيلية يرويها اليهود عن كتابهم الذي حرّفوه، وألقوا فيه بأهوائهم الفاسدة، ومنازعهم الخبيثة..
ثم توسّع الرواة والنقلة فى هذه المقولات، وتصرفوا فيها كيف شاءوا، ومن وراء ذلك اليهود، يدسّون على المسلمين أحاديث عن الرسول، يضعون لها سلسلة من الرواة الذين اشتهر عنهم الحديث عن رسول الله، فتقع هذه الأحاديث المكذوبة من قلوب المسلمين موقعا، لا يجدون معه سبيلا إلى دفعها، وإذا حصيلة هذه الأحاديث المكذوبة، مجموعة من المتناقضات، يدفع بعضها بعضا، ويكذّب بعضها بعضا، فلا يدرى المرء ماذا يأخذ منها وماذا يدع. وفى أكثر الأحوال ينتهى الأمر إلى الشك فيها جملة.. إذ كانت لا تتصل بالعقيدة أو الشريعة..